فرض الزكاة تطهير للمال والنفس

فرض الزكاة تطهير للمال والنفس

الزكـــاة فــي اللغــة تعنــي النمــاء والزيــادة والطهــارة ســـواء حسيــة أو معنويــة، وتعنــي زكـــاة المــال. وتطلــق الزكـــاة علـــى مــا ينفقـــه أو يعطيــه أو يمنحــه المتصدقيـــن مــن مــال أو طعــام أو ملبــس أو مسكــن، وتستعمــل الزكــاة فــي ديانــات التوحيــد بهــذا المعنــى مقصــودا بهــا التصــدق بالمــال. وشرعــأ تعتبــر الزكــاة فــي الإســلام هـــو قــدرمــن المـــال المخصـــص لفئــة معينــة مــن النــاس المحتاجيـــن. والزكــاة فــي الإســلام تعــد ركنــاً مــن أركــان الإســلام الخمــس كمــا ورد فــي الحديــث الصحيــح عــن ابــن عمـــر رضــي الله عنــه، أن النبــي صلــى الله عليـــه وسلــم قــال: (بنــي الإســلام علــى خمـــس: شهـــادة أن لا إلـــه إلا الله، وأن محمــداً رســـول الله، وإقـــام الصـــلاة، وإيتـــاء الزكـــاة،…).

ويوجـــد فــي الديانـــات الأخــرى مــا يفيـــد بمعنــى إنفـــاق قــــدر مــن المــال إلـــى ذوي الاحتياجـــات، وعلــى الرغـــم مـــن الإختــلاف فــي تفاصيـــل الأحكــام إلا أنــه يتفـــق الديـــن الإسلامـــي مــع المسيحيــة واليهوديـــة فــي نفـــس المعنــى أو المفهـــوم العـــام وهـــو الصدقــة، حيــث أنــه عمــل خيـــري يتقـــرب بــه الإنســـان لله. وتعتبـــر الزكـــاة فــي الإســـلام طهـــارة للنفـــس والمــال وهــي زيـــادة ونمـــاء للمسلـــم فــي ميـــزان حسناتـــه ســـواء فـــي الدنيــــا أو الأخـــــرة.

الزكـــــاة فـــي القـــــرأن الكريــــــم:

ذكـــر الله الزكـــاة فــي القـــرأن الكريـــم عـــدة مـــرات ليــدل علـــى عظمــة هـــذا العمـــل:

وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ – سورة البقرة 43

وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ – سورة البقرة 110

إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ – سورة المائدة
55

فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ – سورة التوبة 11

الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ – سورة الحج
41

رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ – سورة النور
37)

وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ – سورة النور 56

الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ – سورة النمل 3

وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ – سورة البينة 5

عنايـــة الإســـلام بالفقـــراء منـــذ العهــــد المكـــي:

يعتبـــر الإســـلام منــذ بــدأه وهـــو ديـــن يهتــم برعايــة الفقـــراء والمساكيـــن حيــث ذكـــر الله صــور الرعايـــة فـــي آيـــات كتابـــه العظيـــم
ومنهــــا:

إطعام المسكين من لوازم الإيمان: ففي سورة المدثر وهى من أوائل ما نزل من القرآن قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ . إِلاَّ أَصْحَابَ الْيَمِينِ . فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ . عَنْ الْمُجْرِمِينَ . مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ . قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ . وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ . وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ . وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ . حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ} [المدثر:38-46].
الحض على رعاية المسكين: ففي سورة الحاقه يقول الله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِه فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ . وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ . يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ . مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ . هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ . خُذُوهُ فَغُلُّوهُ . ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ . ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوه . إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ . وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} [الحاقة: 25 – 34] . وفى سورة الفجر يقول تعالى: {كَلَّا بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ . وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} [الفجر: 17-18]

ومن دعوته للمجتمع إلى التضامن والتعاون على رعاية المسكين والعناية بأمره. ففى سورة الماعون جعل قهر اليتيم وإضاعة المسكين من لوازم الكفر والتكذيب بيوم الدين: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ . فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ . وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} [الماعون: 1- 3]

حق السائل والمحروم و ابن السبيل: {إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً . إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً . وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً . إِلَّا الْمُصَلِّينَ . الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ . وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ . لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [المعارج: 19:20] وما الحق المعلوم هنا. إلا أنه جزء مقسوم . قد فرضوه على أنفسهم وعينوه للسائل والمحروم. فالفارق بين هذا الحق و بين الزكاة أن هذا معلوم تحديدهم وتقديرهم أنفسهم. أما الزكاة فمعلوم بتحديد الشارع وتقديره. وفى سورة الإسراء: {وَآتِ ذَا القُربى حَقَّهُ وَالمِسكينَ وَابنَ السَّبيلِ وَلا تُبَذِّر تَبذيرًا} [آيه: 29] وفى سورة الروم: {فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّـهِ} [آيه: 38].

حق الزرع عند الحصاد: في سورة الأنعام قال عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُ‌وشَاتٍ وَغَيْرَ‌ مَعْرُ‌وشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْ‌عَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّ‌مَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ‌ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِن ثَمَرِ‌ه إِذَا أَثْمَرَ‌ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِ‌فُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِ‌فِينَ} [الأنعام: 141]. كان هذا قبل أن تنزل الزكاة فكان الرجل يعطى من زرعه ويعلف الدابة ويعطى اليتامى والمساكين من حوله.

إيتاء الزكاة في مكة: في مطلع سورة النمل قال تعالى: {طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ . هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ . الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} [النمل: 1 -3]. وفى مطلع سورة لقمان قال: {هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ . الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} [لقمان: 3-4]. وقال في سورة المؤمنون يبين أوصاف الذين يرثون الفردوس: {وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ} [المؤمنون: 4].
وفى سورة فصلت قال تعالى: {وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ . الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} [فصلت: 6 –
7].

وسنلاحظ أن الزكاة لم ترد بصفة الأمر ولكنها وردت في صورة خبرية باعتبارها فرضاً أساسيًا للمسلمين كما قال الله أن عدم التصدق من خصائص المشركين {الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ{.

الزكــــاة فــي السنــــة النبويـــــة:

ذكــــر الـــرواة فـــي كتـــب الحديـــث أدلـــة كثيـــرة تـــدل علـــى فـــرض الزكــــاة ومنهـــــا:

عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان) }رواه البخاري{.

عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خمس من جاء بهن مع إيمان دخل الجنة: من حافظ على الصلوات الخمس، على وضوئهن وركوعهن وسجودهن ومواقيتهن، وصام رمضان، وحج البيت إن استطاع إليه سبيلاً، وأعطى الزكاة طيبة بها نفسه) الحديث. }رواه الطبراني في الكبير بإسناد جيد{.

عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فأصبحت يوماً قريباً منه، ونحن نسير، فقلت: يا رسول الله! أخبرني بعمل يدخلني الجنة، ويباعدني من النار، قال: (لقد سألت عن عظيم، وإنه ليسير على من يسَّره الله عليه، تعبد الله ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت) الحديث. }رواه أحمد والترمذي وصححه، والنسائي وابن ماجه{.
عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاث أحلف عليهن: لا يجعل الله من له سهم في الإسلام كمن لا سهم له، وأسهم الإسلام ثلاثة: الصلاة، والصوم، والزكاة، ولا يتولى الله عبداً في الدنيا فيوليه غيره يوم القيامة). الحديث. }رواه أحمد بإسناد جيد{.

مصــــــارف الزكـــــــاة:

مصــارف الزكـــاة هــي الجهــات المؤهلــة أن تصــرف لهــا الزكــاة، والتــي حددهــا الإســـلام بأدلــة مــن الكتــاب والسنــة. وتدفــع الزكــاة إلــى ثمانيــة فئــات أو أصنــاف الذيــن ذكرهــم الله عــز وجــل فــي ==قولــه تعالــى إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ == ، فالعــدد محصــور فــي هــذه الفئـــات التــي ذكرهـــا الله، فــلا يجــوز صرفهــا إلــى غيرهـــم، ولا تصــرف فــي مشاريــع خيريــة كبنــاء مساجــد ولا إصــلاح طــرق وذلــك لأن الله تعالــى خصهــم بهــا بقولــه‏‏ (إنما‏) وهــي تفيــد الحصــر حيــث تثبــت المذكــور وتنفــي مــا عــداه، فــلا يتــم صـــرف الزكــاة إلــى غيــر
الفئــات الثمانيــــة.

وفــي النهايــة نــود أن نعبـــر عــن مــدي أهميــة الزكـــاة التــي قـــد أمرنــا الله عــز وجــل بتأديتهــا بالطريقــة السليمــة ومنحهــا لمــن يستحــق، فعلينــا ألا نحيــد عــن أمــر الله حيــث أن هنــاك العديــد مــن النــاس فــي عصــرنا الحديــث يجهلــون كيفيــة تأديــة الزكــاة ويجهلــون الطريقــة الصحيحــة لتأديتهـا وفــي هــذا المقــال نتمنـــى أن نكــون أوضحنــا مفهــوم الزكــاة فــي الإســلام وعظمــة تأديتهــا كمــا ذكـــر الله وكمــا ذكـــر الرســـول (ص)، فالزكـــاة فـــرض عظيــم علــى كــل مسلـــم يجــب عملــه علــى الوجــه الأكمـــل.

المراجع:

https://ar.islamway.net/article/60367/فريضة-الزكاة-في-الإسلام?__ref=c-rel&__score=1.1
https://www.zakatfund.gov.ae/zfp/web/page_alzaka.aspx
https://www.zakatfund.gov.ae/zfp/web/page_zakat_to.aspx
https://www.zakatfund.gov.ae/zfp/web/page_zakat_in_the_sunnah.aspx
https://www.zakatfund.gov.ae/zfp/web/page_zakat_in_the_quran.aspx

لا تنسوا تحميل تطبيق آي خير للتبرع من خلال الجوال كي يساعدكم في التصدق بسهولة من مكانكم والمشاركة في عام الخير، كما أن التطبيق به منبه للصدقات يذكركم بالتبرع وقتما تحبون.

A image that shows lnkstore